انتاج الطماطم مفخرة الزراعات الجيوحرارية بالجنوب التونسي |
الفلاحة الجيوحرارية أو الزراعة تحت البيوت المكيفة المسخنة بالمياه الجوفية الحارة هي نشاط فلاحي حديث نسبيا تركز في ولايات الجنوب التونسي بعد الثمانينات من القرن الماضي واختص في إنتاج بعض الباكورات و الخضر و تصديرها كالطماطم و الفلفل و البطيخ و تعتبر ولاية قابس رائدة في هذا المجال إذ أصبحت تحضى بمكانة كبيرة على مستوى التجربة و الإنتاج و التصدير و ذلك بعد أن انتصبت بها عدة مؤسسات و نجحت بشكل لافت في تجاوز الصعوبات التقنية و بلغت مراحل متقدمة على مستوى الإنتاجية و التصدير.و تشير الأرقام المتوفرة أن المساحات الجيوحرارية بولاية قابس تبلغ حاليا أكثر من 140 هكتارا و تنتج أكثر من 15 ألف طن من باكورات الطماطم سنويا و يصل رقم مدا خيل العملة الصعبة إلى ما يقارب ال20 مليون دينار سنويا.و تتواجد اغلب المساحات الجيوحرارية على أطراف الواحات لان الآبار العميقة أنجزت في البداية بهدف سد النقص الحاصل في مياه الري ووقع النظر إلى الفلاحة الجيوحرارية في إطار التثمين الأقصى للمياه الجوفية و الاستفادة من الحرارة الطبيعية بدل استثمار ملايين الدينارات لتبريدها.وهكذا تواجدت شركات كبيرة و متوسطة و انتشرت أينما تواجد المياه الحارة و توسعت مساحاتها لأسباب متعددة،.والمعروف أن البيوت المكيفة تستغل المياه الجارة التي تفوق حرارتها 50 درجة مئوية في فصول الخريف و الشتاء و الربيع عندما يكون الطقس باردا وخاصة في الليل و تتراوح الكميات المستعملة بين 200000 و 240000 متر مكعب في السنة للتسخين و 10000 متر مكعب للري في الهكتار الواحد.و هذه الأرقام تؤكد أن هذا النشاط الفلاحي يستهلك الكثير من المياه.وبعد تبريدها في البيوت المكيفة يقع تحويل هذه المياه الحارة المبردة إلى الواحات لري ضيعات النخيل. ولكن النجاح على مستوى الإنتاج و التصدير يغطي في الواقع علاقة متوترة و غير واضحة في استعمال الموارد المائية الباطنية بين الزراعات الجيوحرارية و الواحات.
فبالنسبة لبعض مساحات الجيوحرارية المنتصبة داخل أو في أطراف الواحات،و في أيام الطقس البارد أو بعد نزول الأمطار .يتوقف الفلاحون عن الري لفترات طويلة ونظر لكون المساحات الجيوحرارية لا تمتلك منشاة لتخزين المياه المبردة فيقع هدر هذه المياه في النشعيات و السباخ وهو ما يدعو بشكل ملح إلى حماية هذه الموارد من الضباع إما بإعادة شحنها في الموائد الجوفية أو ببناء خزانات كبيرة لجمعها و إعادة استعمالها ولو انه لا نملك ارقاما عن الكميات المهدورة و مدى حجمها.
و في حالات أخرى و في الواحات التي تعود فلاحوها على الزراعات الفصلية الشتوية، تتزامن هذه الزراعات مع ذروة طلب المساحات الجيوحرارية على المياه الحارة مما يتسبب في اضطراب في توزيع المياه بهذه المناطق و تصبح الموارد المائية غير كافية لتلبية حاجيات الجميع كما أن الكثير من المستغلات الجيوحرارية لا ترجع المياه المبردة إلى شبكة الري بالواحات مما يزيد في حدة النقص الحاصل في حاجيات هذه الواحات من مياه الري.
أما الساحات الجيوحرارية التي انتصب بعيدا عن الواحات و التي تستعمل كميات كبيرة من المياه الحارة لتسخين البيوت الجيوحرارية، فغالبا ما يقع إلقاء المياه الباردة في المحيط بدون استعمال يذكر، و يحاول بعض أصحاب المؤسسات زراعة بعض المساحات الحقلية لتثمين جزء من هاته المياه المهدورة و تستدعي الوضعية أيضا إنشاء خزانات ذات سعة كبيرة لخزن هذه المياه و استعملها أو شحنها في المائدة الجوفية بواسطة آبار تنجز للغرض.