lundi 6 août 2012

من يوقف التوسعات الفوضوية لزراعة النخيل في ولايتي قبلي و توزر؟



بداية من الربع الاخيرمن القرن الماضي قامت الدولة في كل من  منطقتي توزر و قبلي  في نطاق مخططات التنمية بإنجاز مساحات نخيل دقلة نور ضمن مشاريع سقوية كبيرة و قد وقع تعبئة الموارد المائية اللازمة آنذاك في نطاق مشروع المخطط المديري لمياه الجنوب. ونذكر جميعا مشاريع ابن الشباط بولاية توزر و رجيم معتوق بولاية قبلي و شركات الاحياء الفلاحية و هكذا تضاعفت مساحات النخيل التي كانت مقتصرة على الواحات القدية كواحة توزر و واحة نفطة وواحة قبلي وبعص المستغلات التي انجزها المعمرون ابان الاسنعمار .
توسَع مساحات النخيل بهاته الولايتين ادَى الى تحوَلات اقتصادية و اجتماعية كبيرة نذكر بالخصوص تهميش انواع التمور الاخرى و اكتساح نخيل دقلة نور كل المساحات. كما ان مراكز انتاج التمور انتقل من الواحات القديمة الى مشاريع الاحياء الجديدة و على المستوى الاجتماعي فقد مكنت هذه المساحات السقوية العمومية شرائح اجتماعية مهمشة و متوسطة من تملَك ضيعات النخيل بعد ان مكَنت الدولة كثير من الشباب و الفنيين و المهاجرين و المقاومين من  مستغلات بالمجان بينما كان امتلاك هذه الضيعات تاريخيا مقتصر على عائلات اقطاعية في الواحات القديمة .              
وهكذا فتحت الشهية لكثير الناس لامتلاك مستغلات فلاحية  نخيل دقلة نور و بدأت في كل من ولايتي توزر و قبلي انتشار ظاهرة التوسعات الفوضوية لمساحات النخيل من نوع دقلة نور من قبل الاهالي نتيجة لعوامل عديدة نذكر اهمها:
-ارتفاع ثمن ثمار دقلة نور المنتجة في الواحات بعد ان تضاعف الطلب عليها للتصدير او للاستهلاك المحلي، و قد تزامن ذلك مع بداية انتصاب العديد من وحدات التبريد و الخزن في كل من الولايتين. و نتيجة لهذا الارتفاع السريع لاثمانها ،تحسن دخل ضيعات المزروعة بهذا الصنف من التمور و زاد من اقبال المتساكنين على زراعتها طمعا في تحسين دخلهم ووضعهم الاجتماعي.
-دخول تقنيات حفر الابار الالية و تواجد الحفارات الميكانيكية التي ساهمت في تسريع و تسهيل حفر الابار حيث تحصلت هذه التوسعات على الموارد المائية اللازمة بتكاليف بسيطة و بدون عناء يذكر
-المعطيات الهيدروجيولوجية التي تتميز بعمق صغير لخزانات المياه الجوفية وبنوعية المياه العذبة و التي شجعت المنتصبين للوصول اليها حتى بالتقنيات البدائية. و هذه الوضعية جعلت تكلفة انتاج الموارد المائية زهيدة جدا مقارنة بجهات البلاد الاخرى.
-تواجد مخزون عقاري كبير في شكل اراضي دولية او اراضي اشتراكية و قع اكتساحها من قبل الاهالي. وللذكر انه اكثر من 80 بالمائة من الاراضي بولاية توزر هي اراضي دولية و ان اغلب التوسعات قد انتصبت على هذا الصنف من الاراضي. كما ان اسعار الاراض وقتئذ كانت متدنية و زهيدة.
-وفرة فسائل النخيل و اثمانها الزهيدة
تواصل اكتساح الاراضي و انجاز المساحات الفوضوية طيلة العقود الاخيرة من القرن الماضي و العشرية الاولى من هذا القرن بنسق سريع و بدون هوادة و تضاعف بعد الثورة بسبب ضعف المراقبة و الانفلات الامني و يتوقع ان المساحات المزروعة قد فاقت 7000 هكتار اغلبها في  و لاية قبلي. وفي كل مرة تسوَى فيها وضعية منطقة سقوية فوضوية من قبل الادارة وتصبح منطقة سقوية عمومية الا و تظهر كالفقاقيع مساحات فوضوية اخرى لا تلبث ان تطالب بتسوية و ضعيتها و اخراجها الى اطار الاعتراف و الشرعية. خطر هذه المناطق السقوية الفوضوية هي حاجتها  الكبيرة الى المياه الجوفية و يتعمد الفلاحون الى انجاز ابار بدون ترخيص في المائدة العميقة. و يبلغ عدد الابار المنجزة في هذه المناطق ما يزيد عن   4000 بئر موزعة بين الولايتين و تستغل هذه الابار طاقة كبيرة من المياه الجوفية لا تدخل ضمن المخططات المائية للجهة. و هذه الابار هي السبب الرئيسي في الاستغلال المفرط للمائدة المائية وهبوط المنسوب. كما انه بعد الثورة ،ادى فقدان الفسائل نظرا لكثرة الطلب الى جلب فسائل من القطر الجزائري مما يهدد واحاتنا بانتشار مرض البيوض في حالة العدوى.

jeudi 19 juillet 2012

شط الجريد يشكّل التهديد البيئي وقم 1 لواحات الجنوب التونسي


    


شطّ الجريد هو سبخة كبيرة جدا تمسح قرابة 5000 كلم2 ويتواصل إلى الشرق بشط الفجيج الذي يبعد عن البحر بأقل من 20 كلم. هذه السبخة هي جزء من سلسة  الشطوط التونسية الجزائرية التي تمتد من شط الفجاج شرقا الى شط المرير غربا بالجزائر مرورا بشط الغرسة. لأسباب جيولوجية تتموقع هذه الشطوط على طول سلسة جبال الأطلس الصحراوي و تشكل مصب للمياه السيلان المنحدرة من السفح الجنوبي لهذه السلسلة. و لذلك تمتلئ هذه الشطوط بمياه الأمطار في الشتاء و تكوّن مسطحا مائيا جميلا يجعل منها مواقع سياحية متميزة بينما تتبخر هذه المياه في الصيف و تترك مسطحا من الملح ابيض ناصع يساهم في خلق مظاهر السراب المعروفة خاصة بشط الجريد .يشق شط الجريد الطريق الوطنية المعبدة رقم 16اين تنتشر على ضفافه الاستراحات السياحية و التي يتوقّف عندها السياح لمشاهدة الشط. هذه الاستراحات باستعمالها مواد البناء الصلبة و تكاثر المراحيض غير المهيأة أصبحت تشكّل عبئا بيئيا على شط الجريد الذي يمكن أن يتحوّل إلى مزبلة ان لم يبذل جهد لحمايته من الجهات المسئولة خاصة و أن الطريق العابرة للشط أصبحت كثيفة الحركة في اتجاه ولاية قبلي و في اتجاه ولاية توزر .في اتجاه الجريد و على بعد 20 كلم من قرية بوهلال انتصبت وحدة لاستخراج الأملاح بواسطة ملاّحات تتبخّر فيها مياه الشط عالية التركيز و لكن نلاحظ أن الشط في هذه المواقع بدا يفقد جماليته بفعل تكاثر الأتربة وفضلات تكرير الأملاح و تواجد البناء بالصلب وهو ما يهدد إمكانية خسارته كموقع سياحي متميّز و لحماية شط الجريد من التجاوزات فثمّة مقترح جعله محمية بيئية لكونه منطقة رطبة و لما لا تكوين جمعية بيئية تساهم في المحافظة على  كما انه يجب مزيد من تأطير أصحاب الاستراحات السياحية إلى ضرورة المحافظة على شط الجريدو ربما التفكير في تقليص عددها كما ان هناك ضرورة لوضع حاويات لتجميع الفضلات على طول الطريق العابرة للشط.
من الخصائص الهامة لشط الجريد انه يحتوي على مائدة جوفية قليلة العمق بها مياه مالحة جدا و تتراوح ملوحتها بين 150 و 350 قرام في اللتر الواحد كما أن الشط يشكل المتنفس للموائد العميقة و خاصة المائدة المسماة المركب النهائي. هذه المائدة خزانها رملي في منطقة الجريد و كلسي في منطقة نفزاوة.  كما ان هذه الموائد الجوفية تشهد في الوقت الحاضر  هبوط منسوبها بفعل الاستغلال المفرط تحت مستوى شط الجريد وأصبحت مهددة بتسرب المياه المالحة الى خزانها و خاصة بجهة قبلي في كل الواحات المحاذية للشط و هذا لا يعني ان واحات الجريد عير معنية بهذا التهديد و لكنه اقل حدة من جهة قبلي لكون الخزان رملي بطيء السريان الجوفي و الواحات أكثر ارتفاعا من الناحية الطبوغرافية.
ولهذا فان الوضعية حرجة و تتطلب اليقظة و عدم استسهال الأمر. المواطنون بكونهم  لا يرون الظاهرة فهم يقللون من أهميتها ولكنها حسب رأيي تشكل التهديد رقم واحد للواحات. وقد ركزت نتائج الدراسات التي أنجزتها تونس وليبيا و الجزائر أخيرا بمساعدة مرصد الساحل و الصحراء على هذا التهديد و ضرورة تطويقه من اجل ديمومة الواحات و استقرار أهلها.
لم أكلمكم على عيون شط الجريد التي وصفها روجي كوك 1962 و احمد ممو 1976 و لا عن مشروع البحر الداخلية  ومغامرات الفرنسيين رودار و ليسبس 1879و سيكون ذلك في كتابة لاحقة.

   

lundi 16 juillet 2012

تربية الابقار داخل الواحات: ايجابيات انتاج الحليب تحجب سلبيات الضرر بشبكة قنوات الري العمومية






في بداية التسعينات من القرن الماضي بدأت وزارة الفلاحة في تشجيع تربية الأبقار داخل الواحات و ساعدت الفلاحين في عملية توريد الأبقار الحلوب من اوروبا  و دعمتهم بامتيازات مجلة الاستثمارات في هذا الباب و أشرفت على الإحاطة بالمربين الجدد و إرشادهم و تدريبهم، و بفضل هذا المجهود أصبح عدد الأبقار المتواجدة حاليا  بواحات ولاية قابس 12000  رأس بقر و ارتفع إنتاج الحليب الى حوالي 30 مليون لتر سنويا. تربية البقر الحلوب داخل الواحات ادخل ديناميكية على النشاط الفلاحي إذ ساعد على التواجد اليومي الفلاحين في مستغلاتهم نظرا لكون الأبقار تتطلب عناية يومية من تنظيف الإسطبلات و حلب و تغذية القطيع و حراسته كما وقع انجاز نسيج متكامل من نقاط و مراكز جمع الحليب .هذا القطيع ساهم أيضا في توفير كميات كبيرة من السماد العضوي وتغطية حاجيات الواحة  من هذا العنصر الأساسي لعملية تسميد الأرض. كما ان تربية الأبقار ساهمت في الرفع من دخل الفلاح و تنويعه سواء من بيع الحليب أو العجول أو السماد العضوي.
غيران هذه الايجابيات الكثيرة لتربية الأبقار داخل الواحات تحجب سلبيات و مشاكل كبيرة  تثير تساؤلات حول مستقبل هذا النشاط  فالمشكلة الأساسية الكبرى تتمثل في حاجة الأبقار اليومية من المياه العذبة لسد ضروريات  الشرب و النظافة  و الحال أن المستغلات الفلاحية بالواحة تسقى من شبكة ري عمومية طبقا لدورة مائية تطول مدتها بين العشرين يوم و شهر. كما أن المستغلات الفلاحية ليست مجهزة بخزانات و أحواض لحفظ المياه و تقسيطها عن القطيع طيلة العشرين يوم أو الشهر أي إلى موعد الدورة المائية التالية. ونتيجة لذلك فقد قام الفلاحون بثقب شبكات الري  العمومية المارة من ضيعتاهم  و تركيب حنفيات بها يجري منها الماء طوال اليوم بدون انقطاع يستعملونها لحاجيات القطيع و من بعد الى ري مزروعا تهم إن أمكن ذلك. و هذه العملية هي غير قانونية و هم  بذلك يؤمنون حاجياتهم المائية لشرب أبقارهم بالسطو على شبكة الري العمومية للواحة. الحنفيات في الوقت الحاضر انتشرت بالمئات داخل الواحة و خاصة بواحتي قابس و تبلبو اللتين تحتضن لوحدهما ما يقارب من 70 بالمائة من رؤوس الأبقار المتواجدة بولاية قابس  .من نتائج هذه الوضع المزري  ضعف الضغط بقنوات الشبكة و تناقص الدفق عند السكورات وضياع كبير للموارد المائية و نقص فادح في الكميات المخصصة للري مما ينجر عنه إرباك في الدورة المائية وتدهور في الخدمات المقدمة من المجامع المائية. و يمكن أن نتصور أن نقص الدفق يصل إلى النصف في المواقع السفلى من الشبكة الفرعية نتيجة اندثار الضغط و تناقص الدفق. الفلاحون يطالبون بحفر آبار جديدة لتدعيم الري بهذه الواحات و شخصيا اعتبر أن المشكلة هي مشكلة تصرف سليم في الموارد المائية المستغلة و ليس مشكلة نقص في الموارد. بعض الفلاحين ذهبوا أكثر من ذلك و أنجزوا آبارا عميقة بدون ترخيص لتوفير حاجياتهم المائية اللازمة لأبقارهم.
من سلبيات تواجد الأبقار داخل الواحات هو الانتشار المتزايد للبناء الفوضوي بها مما يهدد ديمومتها فكثير من الإسطبلات تحولت إلى مقرات سكنى  كما ان تراخيص إقامة الإسطبلات تكون في بعض الأحيان غطاء للبناء الفوضوي و هو ما يجل المراقبة صعبة و ضرورية للحد من هذه الظاهرة. كما ان تربية الأبقار ساهمت في تراكم الأوساخ بالواحات اين ينقص جهد التنظيف و العناية مما ينجر عنه تزايد الذباب خاصة عند ارتفاع الحرارة.
تربية الأبقار داخل الواحات ساهمت بكل تأكيد في إنتاج الحليب و توفير مورد مالي  إضافي للفلاحين و تنويع النشاط الفلاحي بها غير هذا النشاط  لا يتلاءم مع طريقة الري بالواحات التي تعتمد على أسلوب الدورة المائية .وقع حل الإشكال في الوقت الحاضر بإحداث الضرر على الشبكة الري غير المهيأة أصلا لإنجاز حنفيات عليها. الموضوع جدير بالمتابعة و التفكير و إلا فانه في المستقبل القريب سنخسر الماء و الأبقار.

samedi 2 juin 2012

الواحات و الفلاحة الجيوحرارية بالجنوب التونسي:تنافس خفي على الموارد المائية الباطنية

انتاج الطماطم مفخرة الزراعات الجيوحرارية بالجنوب التونسي
                               الفلاحة الجيوحرارية أو الزراعة تحت البيوت المكيفة المسخنة بالمياه الجوفية الحارة هي نشاط فلاحي حديث نسبيا تركز في ولايات الجنوب التونسي بعد الثمانينات من القرن الماضي واختص في إنتاج بعض الباكورات و الخضر و تصديرها كالطماطم و الفلفل و البطيخ و تعتبر ولاية قابس رائدة في هذا المجال إذ أصبحت تحضى بمكانة كبيرة على مستوى التجربة و الإنتاج و التصدير و ذلك بعد أن انتصبت بها عدة مؤسسات و نجحت بشكل لافت في تجاوز الصعوبات التقنية و بلغت مراحل متقدمة على مستوى الإنتاجية و التصدير.و تشير الأرقام المتوفرة أن المساحات الجيوحرارية بولاية قابس تبلغ حاليا أكثر من 140 هكتارا و تنتج أكثر من 15 ألف طن من باكورات الطماطم سنويا و يصل رقم مدا خيل العملة الصعبة إلى ما يقارب ال20 مليون دينار سنويا.و تتواجد اغلب المساحات الجيوحرارية على أطراف الواحات لان الآبار العميقة أنجزت في البداية بهدف سد النقص الحاصل في مياه الري ووقع النظر إلى الفلاحة الجيوحرارية في إطار التثمين الأقصى للمياه الجوفية و الاستفادة من الحرارة الطبيعية بدل استثمار ملايين الدينارات لتبريدها.وهكذا تواجدت شركات كبيرة و متوسطة و انتشرت أينما تواجد المياه الحارة و توسعت مساحاتها لأسباب متعددة،.والمعروف أن البيوت المكيفة تستغل المياه الجارة التي تفوق حرارتها 50 درجة مئوية في فصول الخريف و الشتاء و الربيع عندما يكون الطقس باردا وخاصة في الليل و تتراوح الكميات المستعملة بين 200000 و 240000 متر مكعب في السنة للتسخين  و 10000 متر مكعب للري في الهكتار الواحد.و هذه الأرقام تؤكد أن هذا النشاط الفلاحي يستهلك الكثير من المياه.وبعد تبريدها في البيوت المكيفة يقع تحويل هذه المياه الحارة المبردة إلى الواحات لري ضيعات النخيل. ولكن النجاح على مستوى الإنتاج و التصدير يغطي في الواقع علاقة متوترة و غير واضحة في استعمال الموارد المائية الباطنية بين الزراعات الجيوحرارية و الواحات. 
فبالنسبة لبعض مساحات الجيوحرارية المنتصبة داخل أو في أطراف الواحات،و في أيام الطقس البارد أو بعد نزول الأمطار .يتوقف الفلاحون عن الري لفترات طويلة  ونظر لكون المساحات الجيوحرارية لا تمتلك منشاة لتخزين المياه المبردة فيقع هدر هذه المياه في النشعيات و السباخ وهو ما يدعو بشكل ملح إلى حماية هذه الموارد من الضباع إما بإعادة شحنها في الموائد الجوفية أو ببناء خزانات كبيرة لجمعها و إعادة استعمالها ولو انه لا نملك ارقاما عن الكميات المهدورة و مدى حجمها.
و في حالات أخرى و في الواحات التي تعود فلاحوها على الزراعات الفصلية الشتوية، تتزامن هذه الزراعات مع ذروة طلب المساحات الجيوحرارية على المياه الحارة  مما يتسبب في اضطراب في توزيع المياه بهذه المناطق و تصبح الموارد المائية غير كافية لتلبية حاجيات الجميع  كما أن الكثير من المستغلات الجيوحرارية لا ترجع المياه المبردة إلى شبكة الري بالواحات مما يزيد في حدة النقص الحاصل في حاجيات هذه الواحات من مياه الري.
أما الساحات الجيوحرارية التي انتصب بعيدا عن الواحات و التي تستعمل كميات كبيرة من المياه الحارة لتسخين البيوت الجيوحرارية، فغالبا ما يقع إلقاء المياه الباردة في المحيط بدون استعمال يذكر، و يحاول بعض أصحاب  المؤسسات زراعة بعض المساحات الحقلية لتثمين جزء من هاته المياه المهدورة و تستدعي الوضعية أيضا إنشاء خزانات ذات سعة كبيرة لخزن هذه المياه و استعملها أو شحنها في المائدة الجوفية بواسطة آبار تنجز للغرض.

samedi 19 mai 2012

آبار مراقبة الموائد الجوفية تتعرض للتكسير و السرقة

 
                                                    منظر عام لبئر مراقبة المائدة المائية الجوفية


ربما شاهدت و أنت مسافر من شباك سيارتك أو من نافذة الحافلة أو القطار على جانب الطريق او السكة الحديدية صندوق حديدي غالبا ما يكون ازرق اللون بعلو لا يتعدى المتر الواحد و مثبت بالإسمنت على سطح الأرض،فذلك الصندوق يحتوي و يحمي بئر عميقة أو سطحية تسمى بئر مراقبة. إنها منشأة عمومية لمراقبة المائدة المائية الجوفية قليلة العمق أو العميقة. ويتعدى عدد هذه الصناديق الحديدية الزرقاء في الوقت الحاضر 1433 بئر منتشرة في كامل مناطق الجمهورية بين شمالها و وسطها و جنوبها و   غربها و شرقها. هذه الشبكة من الآبار تقوم بدور كبير لا غنى عنه في متابعة و تقييم الموارد المائية الجوفية للبلاد إذ  يمكن مزاياها كالتي:
*تستعمل آبار المراقبة لمتابعة تطور مناسيب مياه المائدة الجوفية  بصفة يدوية أو آلية ويقع استغلال معطيات المتابعة في الدراسات الهيدروجيولوجية و في النمذجة الرياضية للمياه الجوفية وعموما يعكس الهبوط المستمر للمنسوب المائي حالة من الاستنزاف في موارد المائدة كما تشهده العديد من الموائد المائية الجوفية في تونس نتيجة الاستغلال المفرط و يعكس استقرار  المنسوب لفترة طويلة توازن بين الموارد القابلة للاستغلال و الاستغلال الفعلي كما يعكس ارتفاع المنسوب تغذية المائدة عن طريق الأمطار أو الأودية أو الشحن الاصطناعي.
*وتستعمل آبار المراقبة لمتابعة تطور نوعية المياه الجوفية سواء بأخذ عينات من الماء بصفة دورية أو بمتابعة آلية لمعرفة الخصائص الكيميائية لمياه الشرب و الري و الصناعة  وأيضا لحماية هذه الموارد من التملح أو التلوث .ونظر لطول ساحل البحر بالبلاد التونسية وتواجد موائد مائية بالشريط الساحلي تؤدي خدمات كبيرة في تزويد الأنشطة الاقتصادية بالمياه فقد وقع انجاز ابار مراقبة لمتابعة التملح الناتج عن مياه البحر وآثاره على الموائد المائية الساحلية.
غير أن هذه المنشآت تتعرض إلى التكسير و التلف و السرقة و خاصة في فترة ما بعد الثورة نظرا لضعف الرقابة و تواجد هذه المنشآت في الأماكن غير المأهولة بدون حراسة. فسرقة التجهيزات الإلكترونية المتواجدة بهذه الآبار تكرر بكثرة في الفترة الأخيرة بحثا عن كوابل النحاس كما أن الرعاة و المتطفلين يردمون الآبار المعزولة و البعيدة عن الأنظار البعض الآخر استحوذ عليها و جهزها بمضخة و صار يستغلها لري مزروعاته كأنها ملك السيد الوالد مع العلم أن انجازها كلف أموالا من الميزانية العمومية.
و المختصر أن هذه المنشآت التي تؤدي دورا في غاية من الأهمية بالنسبة للموارد المائية بصفة خاصة و الاقتصاد الوطني عامة وتساهم في تعميق معرفتنا بمحيطنا تكسر و تتلف و تردم و تسرق في نطاق أعمال غير مسئولة من بعض المواطنين. الله يهديهم. 


vendredi 18 mai 2012

تهريب فسائل النخيل من القطر الجزائري:التهديد المروع لواحاتنا


كلنا يعرف أن تمور دقلة نور تتواجد فقط في بقعة صغيرة من العالم  وهي علامة تجارية مميزة و هذه البقعة هي ولايات الجنوب الغربي التونسي قفصة،توزر و قبلي و أيضا ولايات الجنوب الشرقي الجزائري الوادي و بسكرة و توقرت. غير أن هذه الأنواع من النخيل تحديدا مهددة بمرض فطري يسمى مرض البيوض ليس له علاج في الوقت الحاضر و تشكل الوقاية السبيل الوحيد لمنع تفشي هذا المرض داخل واحاتنا و لذلك أقرت الدولة جملة من القوانين و الإجراءات و شددت المراقبة على الحدود.
و ثمة عدة أسباب شجعت المهربين على جلب فسائل دقلة نور من الجزائر الممنوع قانونيا أهمها نقص العرض في هذا النوع من الفسائل على مستوى واحات الجنوب التونسي وخاصة بعد الثورة حيث تميزت هذه المرحلة بتوسع زراعة النخيل في طفرة كبيرة غير منظمة اكتست مناطق كبيرة من جهة قبلي و توزر وقد تسببت هذه الزيادة في مساحات النخيل في تجاوزات كبيرة للموارد المائية الجوفية التي شهدت انجاز المئات من الآبار غير المرخص فيها لري هذه المساحات الجديدة وهذه الآبار تشمل تهديدا حقيقيا للواحات من الممكن ان تتسبب في تملح المياه الجوفية بمياه شط الجريد نتيجة الاستنزاف و هبوط المائدة و اندثار الواحات.والتوسع الفوضوي لمساحات النخيل شبيه بالبناء الفوضوي  تكاثر في غياب السلطة و رقابة الدولة و الإدارة بعد الثورة و إلى حد الآن لم يتراجع نسق هذه الاحداثات الجديدة.
ولذلك و أمام الزيادة الكبيرة في المساحات لم يكن من الممكن إرضاء كل الطلبات من الفسائل المحلية.و قد أدى هذا الطلب الكبير و قلة العرض إلى ارتفاع ثمن الفسائل المحلية  40 و 50 دينار للفسيلة الواحدة  بينما كان الثمن لا يتعدى 20 دينار قبل الثورة.وربما يكون ثمن الفسائل المهربة حاسما في تفشي ظاهرة التهريب إذ يقال انه اقل من 20 دينار للفسيلة الواحد في الوقت الحاضر.
إننا نعتقد أن تهريب هده الفسائل و التجارة بها تهديد مباشر و خطير لواحاتنا و للوطن ككل و هي خيانة وطنية بما للكلمة من معنى لا يمكن أن تبرر بأي شكل من الأشكال.و في هذا الإطار تنفذ ولاية توزر خطة جهوية لمجابهة هذا التهديد تتمثل في مراقبة الاتجار في فسائل النخيل على مستوى الولاية و القيام بحملات تحسيسية على نطاق واسع و تكثيف الدوريات الأمنية على الحدود و المراقبة الصحية لفسائل النخيل و إصدار التراخيص للنقل بين الواحات داخل الولاية و خارجها.وهي بادرة محمودة نتمنى أن تؤتى أكلها.