jeudi 19 juillet 2012

شط الجريد يشكّل التهديد البيئي وقم 1 لواحات الجنوب التونسي


    


شطّ الجريد هو سبخة كبيرة جدا تمسح قرابة 5000 كلم2 ويتواصل إلى الشرق بشط الفجيج الذي يبعد عن البحر بأقل من 20 كلم. هذه السبخة هي جزء من سلسة  الشطوط التونسية الجزائرية التي تمتد من شط الفجاج شرقا الى شط المرير غربا بالجزائر مرورا بشط الغرسة. لأسباب جيولوجية تتموقع هذه الشطوط على طول سلسة جبال الأطلس الصحراوي و تشكل مصب للمياه السيلان المنحدرة من السفح الجنوبي لهذه السلسلة. و لذلك تمتلئ هذه الشطوط بمياه الأمطار في الشتاء و تكوّن مسطحا مائيا جميلا يجعل منها مواقع سياحية متميزة بينما تتبخر هذه المياه في الصيف و تترك مسطحا من الملح ابيض ناصع يساهم في خلق مظاهر السراب المعروفة خاصة بشط الجريد .يشق شط الجريد الطريق الوطنية المعبدة رقم 16اين تنتشر على ضفافه الاستراحات السياحية و التي يتوقّف عندها السياح لمشاهدة الشط. هذه الاستراحات باستعمالها مواد البناء الصلبة و تكاثر المراحيض غير المهيأة أصبحت تشكّل عبئا بيئيا على شط الجريد الذي يمكن أن يتحوّل إلى مزبلة ان لم يبذل جهد لحمايته من الجهات المسئولة خاصة و أن الطريق العابرة للشط أصبحت كثيفة الحركة في اتجاه ولاية قبلي و في اتجاه ولاية توزر .في اتجاه الجريد و على بعد 20 كلم من قرية بوهلال انتصبت وحدة لاستخراج الأملاح بواسطة ملاّحات تتبخّر فيها مياه الشط عالية التركيز و لكن نلاحظ أن الشط في هذه المواقع بدا يفقد جماليته بفعل تكاثر الأتربة وفضلات تكرير الأملاح و تواجد البناء بالصلب وهو ما يهدد إمكانية خسارته كموقع سياحي متميّز و لحماية شط الجريد من التجاوزات فثمّة مقترح جعله محمية بيئية لكونه منطقة رطبة و لما لا تكوين جمعية بيئية تساهم في المحافظة على  كما انه يجب مزيد من تأطير أصحاب الاستراحات السياحية إلى ضرورة المحافظة على شط الجريدو ربما التفكير في تقليص عددها كما ان هناك ضرورة لوضع حاويات لتجميع الفضلات على طول الطريق العابرة للشط.
من الخصائص الهامة لشط الجريد انه يحتوي على مائدة جوفية قليلة العمق بها مياه مالحة جدا و تتراوح ملوحتها بين 150 و 350 قرام في اللتر الواحد كما أن الشط يشكل المتنفس للموائد العميقة و خاصة المائدة المسماة المركب النهائي. هذه المائدة خزانها رملي في منطقة الجريد و كلسي في منطقة نفزاوة.  كما ان هذه الموائد الجوفية تشهد في الوقت الحاضر  هبوط منسوبها بفعل الاستغلال المفرط تحت مستوى شط الجريد وأصبحت مهددة بتسرب المياه المالحة الى خزانها و خاصة بجهة قبلي في كل الواحات المحاذية للشط و هذا لا يعني ان واحات الجريد عير معنية بهذا التهديد و لكنه اقل حدة من جهة قبلي لكون الخزان رملي بطيء السريان الجوفي و الواحات أكثر ارتفاعا من الناحية الطبوغرافية.
ولهذا فان الوضعية حرجة و تتطلب اليقظة و عدم استسهال الأمر. المواطنون بكونهم  لا يرون الظاهرة فهم يقللون من أهميتها ولكنها حسب رأيي تشكل التهديد رقم واحد للواحات. وقد ركزت نتائج الدراسات التي أنجزتها تونس وليبيا و الجزائر أخيرا بمساعدة مرصد الساحل و الصحراء على هذا التهديد و ضرورة تطويقه من اجل ديمومة الواحات و استقرار أهلها.
لم أكلمكم على عيون شط الجريد التي وصفها روجي كوك 1962 و احمد ممو 1976 و لا عن مشروع البحر الداخلية  ومغامرات الفرنسيين رودار و ليسبس 1879و سيكون ذلك في كتابة لاحقة.

   

lundi 16 juillet 2012

تربية الابقار داخل الواحات: ايجابيات انتاج الحليب تحجب سلبيات الضرر بشبكة قنوات الري العمومية






في بداية التسعينات من القرن الماضي بدأت وزارة الفلاحة في تشجيع تربية الأبقار داخل الواحات و ساعدت الفلاحين في عملية توريد الأبقار الحلوب من اوروبا  و دعمتهم بامتيازات مجلة الاستثمارات في هذا الباب و أشرفت على الإحاطة بالمربين الجدد و إرشادهم و تدريبهم، و بفضل هذا المجهود أصبح عدد الأبقار المتواجدة حاليا  بواحات ولاية قابس 12000  رأس بقر و ارتفع إنتاج الحليب الى حوالي 30 مليون لتر سنويا. تربية البقر الحلوب داخل الواحات ادخل ديناميكية على النشاط الفلاحي إذ ساعد على التواجد اليومي الفلاحين في مستغلاتهم نظرا لكون الأبقار تتطلب عناية يومية من تنظيف الإسطبلات و حلب و تغذية القطيع و حراسته كما وقع انجاز نسيج متكامل من نقاط و مراكز جمع الحليب .هذا القطيع ساهم أيضا في توفير كميات كبيرة من السماد العضوي وتغطية حاجيات الواحة  من هذا العنصر الأساسي لعملية تسميد الأرض. كما ان تربية الأبقار ساهمت في الرفع من دخل الفلاح و تنويعه سواء من بيع الحليب أو العجول أو السماد العضوي.
غيران هذه الايجابيات الكثيرة لتربية الأبقار داخل الواحات تحجب سلبيات و مشاكل كبيرة  تثير تساؤلات حول مستقبل هذا النشاط  فالمشكلة الأساسية الكبرى تتمثل في حاجة الأبقار اليومية من المياه العذبة لسد ضروريات  الشرب و النظافة  و الحال أن المستغلات الفلاحية بالواحة تسقى من شبكة ري عمومية طبقا لدورة مائية تطول مدتها بين العشرين يوم و شهر. كما أن المستغلات الفلاحية ليست مجهزة بخزانات و أحواض لحفظ المياه و تقسيطها عن القطيع طيلة العشرين يوم أو الشهر أي إلى موعد الدورة المائية التالية. ونتيجة لذلك فقد قام الفلاحون بثقب شبكات الري  العمومية المارة من ضيعتاهم  و تركيب حنفيات بها يجري منها الماء طوال اليوم بدون انقطاع يستعملونها لحاجيات القطيع و من بعد الى ري مزروعا تهم إن أمكن ذلك. و هذه العملية هي غير قانونية و هم  بذلك يؤمنون حاجياتهم المائية لشرب أبقارهم بالسطو على شبكة الري العمومية للواحة. الحنفيات في الوقت الحاضر انتشرت بالمئات داخل الواحة و خاصة بواحتي قابس و تبلبو اللتين تحتضن لوحدهما ما يقارب من 70 بالمائة من رؤوس الأبقار المتواجدة بولاية قابس  .من نتائج هذه الوضع المزري  ضعف الضغط بقنوات الشبكة و تناقص الدفق عند السكورات وضياع كبير للموارد المائية و نقص فادح في الكميات المخصصة للري مما ينجر عنه إرباك في الدورة المائية وتدهور في الخدمات المقدمة من المجامع المائية. و يمكن أن نتصور أن نقص الدفق يصل إلى النصف في المواقع السفلى من الشبكة الفرعية نتيجة اندثار الضغط و تناقص الدفق. الفلاحون يطالبون بحفر آبار جديدة لتدعيم الري بهذه الواحات و شخصيا اعتبر أن المشكلة هي مشكلة تصرف سليم في الموارد المائية المستغلة و ليس مشكلة نقص في الموارد. بعض الفلاحين ذهبوا أكثر من ذلك و أنجزوا آبارا عميقة بدون ترخيص لتوفير حاجياتهم المائية اللازمة لأبقارهم.
من سلبيات تواجد الأبقار داخل الواحات هو الانتشار المتزايد للبناء الفوضوي بها مما يهدد ديمومتها فكثير من الإسطبلات تحولت إلى مقرات سكنى  كما ان تراخيص إقامة الإسطبلات تكون في بعض الأحيان غطاء للبناء الفوضوي و هو ما يجل المراقبة صعبة و ضرورية للحد من هذه الظاهرة. كما ان تربية الأبقار ساهمت في تراكم الأوساخ بالواحات اين ينقص جهد التنظيف و العناية مما ينجر عنه تزايد الذباب خاصة عند ارتفاع الحرارة.
تربية الأبقار داخل الواحات ساهمت بكل تأكيد في إنتاج الحليب و توفير مورد مالي  إضافي للفلاحين و تنويع النشاط الفلاحي بها غير هذا النشاط  لا يتلاءم مع طريقة الري بالواحات التي تعتمد على أسلوب الدورة المائية .وقع حل الإشكال في الوقت الحاضر بإحداث الضرر على الشبكة الري غير المهيأة أصلا لإنجاز حنفيات عليها. الموضوع جدير بالمتابعة و التفكير و إلا فانه في المستقبل القريب سنخسر الماء و الأبقار.