samedi 18 mai 2013

العمل الجمعياتي بالواحات:الكثرة و قلَة البركة




تكاثرت الجمعيات  الأهلية بعد 14 جانفي  بشكل ملفت للنظر و اليوم في تونس أكثر من 11  ألف جمعية في كل النشاط الاجتماعي تقريبا.الكل يتحدث عن المجتمع المدني و دوره و فعاليته و الإضافة التي يمكن أن يقدمها للمجتمع. ما يعنيني في هذا الموضوع هو الجمعيات التي تهتم بالشأن الواحي و البيئي في الجنوب التونسي و التي تكاثرت كالفقاقيع  في سنوات بعد الثورة  و الأسماء متعددة: صيانة الواحة،حماية الواحة،أصدقاء الواحة،المحافظة عن البيئة ،المحيط الخ.هذه الجمعيات انتشرت في واحات كل من قابس و توزر و نفطة و قبلي و دوز و دقاش و الحامة.لاحظت شخصيا  أن حضور هذه الجمعيات الميداني ضعيف جدا وباهت و لا يرتقي الى حجم التحديات التي تواجهها الواحة و أهم هذه التحديات هي  البناء الفوضوي،قتل النخيل و صناعة اللاقمي الحلو و الميت،التنوع البيولوجي،المحافظة على الواحات،الاهمال،المحافظة على الموارد الطبيعية و ترشيد استغلالها ،تثمين منتوجات الواحة،اليد العاملة المختصة،الخ.ما لاحظته أيضا أن دور هذه الجمعيات لا يتعدى أن يكون دور احتفالي  و يقتصر عن بعض الملتقيات و الندوات و الورشات داخل النزل و صياغة بعض التوصيات الهزيلة التي تتكرر بتكرر هذه الملتقيات . لا أثر لكل هذه الجمعيات في الميدان و في الواحات رغم تفاقم التحديات و الصعوبات.و شخصيا لم أرى  جمعية في مواجهة البناء الفوضوي داخل الواحات او تتصىدَى لقتل النخيل. و عموما تفضل الجمعيات أن تترك هذه المهات الصعبة و غير الشعبية للإدارة و اعوانها.
ثمة جمعية أريد ان انوه بها في هذه التدوينة و هي جمعية صيانة واحة شنني  التي تأسست سنة 1995 و هي جمعية ناشطة تشكل إستثناء و تقوم بأنشطة كثيرة و متنوعة تخص العمل الواحي كما أن لها إشعاع كبير في المجتمع و داخل النسيج الجمعياتي و خارج الوطن و نتمنى ان تنسج كل الجمعيات المرتبطة بالشأن الواحي على منوالها.
 أضيف ان العمل الجمعياتي داخل الواحات هو عمل قديم و متأصل و نذكر أن جمعية مالكي الواحة بتوزر تأسست سنة 1913 و كانت جمعية تنظَم العمل داخل الواحة و هو عمل ميداني بالأساس و ليس تحت الهواء المكيف بالنزل الفاخرة.

mercredi 1 mai 2013

بداية انقراض اليد العاملة المختصة بالواحات التونسية

اليد العاملة بالواحات اصبحت نادرة

النخلة شجرة لها خصوصياتها التي تميَزها عن كل انواع الاشجار الاخرى،فلا الاشجار المثمرة و لا الزياتين تشبهها. هي شجرة ذكر و ثمة شجرة أنثى وجب تلقيح ثمارها كل سنة في بداية فصل الربيع.اللقاح او الذكَار كما يسمونه في بلاد الجريد اصبح نادرا و يصعب الحصول علية بالكميات اللازمة لتلقيح مساحات النخيل الكبيرة و ذلك موضوع اخر.هي ايضا شجرة باسقة شاهقة تتطلب يد عاملة عديدة و مدربة لجني محصولها.هي  ايضا شجرة تتطلب الكثير من مياه الري في دورة غير متباعدة زمنيا .
الواحة ايضا على مر العصور اهتم بشؤونها و ساهم في استدامتها عمال خدموا ارضها و سقوا نخلها و جنوا تمورها و قسموا مياهها.و على مر التاريخ قسَم سكان الواحات العمل على اساس مالك لضيعات النخيل و عامل يحصل على نسبة من منتوج الضيعة مقابل عمله.
 في واحات الجريد،العامل القائم بشؤون بستان النخيل يسمى خمَاسا لأن أجره خمس انتاج البستان من التمور و يسمى ايضا شريك و يساعده عامل اخر يسمى قيَال لانه يمضي وقت القيلولة بالبستان.هذه المهن تنقرض في وقتنا الحاضر ولكن العامل اليومي لم يستطع تعويض الخمَاس و القيَال في القيام بأعمال البستان.
في فصل الربيع تتطلب النخلة تلقيح الثمار بواسطة دقيق الذكَار و هي عملية دقيقة و تتطلب عمالة مختصة تتسلق جذوع النخيل الشاهقة وتسلل بين جريد النخلة و اشواكها وتقوم تلقيح الطلع .اليوم وجود اليد العاملة التي تقوم بهذا العمل اصبحت نادرة جدا و باهظة الثمن،تلقيح النخلة الواحدة من فصيلة دقلة نور تساوي 3 دنانيرو أكثر.
هناك عملية يقوم بها فلاحوا الجريد و لا يقوم بها فلاحوا جهة قبلي في فصل الصيف و هي المفارزة و تتطلب تسلَق العامل للنخلة و تخفيفها من الثَمار غير الملقَحة و المريضة و تهوية العرجون حتى تكون الثمار اكثر جودة.و هذا يعني مصاريف اضافية تضاف الى مصاريف التلقيح.
في فصل الخريف يبدأ موسم جني التمور و يتزاحم الفلاحون  بصعوبة كبيرة في الحصول على اليد العاملة المختصة التي تؤمن جني التمور في احسن الظروف.
الخلاصة ان ضيعات النخيل تتطلب مصاريف كبيرة للقيام بالأعمال الفلاحية الضرورية لبستان من تسميد الارض و ري النخيل حسب الدورة المائية وتلقيح النخيل و اعمال المفارزة و جني التمور و نقلها الى وحدات التكييف او الاسواق و مما يزيد في المشكلة تناقص اليد العاملة الفلاحية المختصة  و ربما سنلتجئ في المستقبل غير البعيد الى استيراد اليد العاملة التي تهتم بشؤون واحاتنا ومن المتناقضات اننا نرفع في كل يوم شعارات المطالبة بالتشغيل .