منظر عام لبئر مراقبة المائدة المائية الجوفية
ربما شاهدت و أنت مسافر من شباك سيارتك أو من نافذة الحافلة أو القطار على جانب
الطريق او السكة الحديدية صندوق حديدي غالبا ما يكون ازرق اللون بعلو لا يتعدى المتر
الواحد و مثبت بالإسمنت على سطح الأرض،فذلك الصندوق يحتوي و يحمي بئر عميقة أو سطحية
تسمى بئر مراقبة. إنها منشأة عمومية لمراقبة المائدة المائية الجوفية قليلة العمق أو
العميقة. ويتعدى عدد هذه الصناديق الحديدية الزرقاء في الوقت الحاضر 1433 بئر منتشرة
في كامل مناطق الجمهورية بين شمالها و وسطها و جنوبها و غربها و شرقها. هذه الشبكة من الآبار تقوم بدور
كبير لا غنى عنه في متابعة و تقييم الموارد المائية الجوفية للبلاد إذ يمكن مزاياها كالتي:
*تستعمل آبار المراقبة لمتابعة تطور مناسيب مياه المائدة الجوفية بصفة يدوية أو آلية ويقع استغلال معطيات المتابعة
في الدراسات الهيدروجيولوجية و في النمذجة الرياضية للمياه الجوفية وعموما يعكس الهبوط
المستمر للمنسوب المائي حالة من الاستنزاف في موارد المائدة كما تشهده العديد من الموائد
المائية الجوفية في تونس نتيجة الاستغلال المفرط و يعكس استقرار المنسوب لفترة طويلة توازن بين الموارد القابلة
للاستغلال و الاستغلال الفعلي كما يعكس ارتفاع المنسوب تغذية المائدة عن طريق الأمطار
أو الأودية أو الشحن الاصطناعي.
*وتستعمل آبار المراقبة لمتابعة تطور نوعية المياه الجوفية سواء بأخذ عينات
من الماء بصفة دورية أو بمتابعة آلية لمعرفة الخصائص الكيميائية لمياه الشرب و الري
و الصناعة وأيضا لحماية هذه الموارد من التملح
أو التلوث .ونظر لطول ساحل البحر بالبلاد التونسية وتواجد موائد مائية بالشريط الساحلي
تؤدي خدمات كبيرة في تزويد الأنشطة الاقتصادية بالمياه فقد وقع انجاز ابار مراقبة لمتابعة
التملح الناتج عن مياه البحر وآثاره على الموائد المائية الساحلية.
غير أن هذه المنشآت تتعرض إلى التكسير و التلف و السرقة و خاصة في فترة ما بعد
الثورة نظرا لضعف الرقابة و تواجد هذه المنشآت في الأماكن غير المأهولة بدون حراسة.
فسرقة التجهيزات الإلكترونية المتواجدة بهذه الآبار تكرر بكثرة في الفترة الأخيرة بحثا
عن كوابل النحاس كما أن الرعاة و المتطفلين يردمون الآبار المعزولة و البعيدة عن الأنظار
البعض الآخر استحوذ عليها و جهزها بمضخة و صار يستغلها لري مزروعاته كأنها ملك
السيد الوالد مع العلم أن انجازها كلف أموالا من الميزانية العمومية.
و المختصر أن هذه المنشآت التي تؤدي دورا في غاية من الأهمية بالنسبة للموارد
المائية بصفة خاصة و الاقتصاد الوطني عامة وتساهم في تعميق معرفتنا بمحيطنا تكسر و
تتلف و تردم و تسرق في نطاق أعمال غير مسئولة من بعض المواطنين. الله يهديهم.