قتل النخيل في واحاتنا لصناعة اللّاقمي: الجريمة المسكوت عنها
اضافة الى انتاج التمور بمختلف انواعها، تعطي النخلة مشروبا حلو المذاق يسمى اللّاقمي، ويستدعي استخراج اللّاقمي قتل النخلة بتحجيمها من راسها و ازالة جريدها، و في غالب الاحيان تموت النخلة نهائيا بعد فترة انتاج اللّاقمي.
و تشهد واحاتنا انتشار ظاهرة قتل النخيل لانتاج اللّاقمي خاصة و ان الطلب على هذا المشروب قد ازداد ،وللأسف فان هذه الظاهرة قد استفحلت بعد 14 جانفي 2011 حيث ضعفت الرقابة و انحصر الردع.
و يزداد الطّلب على شرب اللاقمي في الربيع و في شهر رمضان،و تعتبر جهة قابس من اكبر الجهات المستهلكة لمشروب اللّاقمي و شرب اللّاقمي في رمضان هو من التقاليد العائلية كما انه يستعمل كفطور للصّباح مع الخبز.
غير ان مشروب اللّاقمي يمكن ان يخمّر ليصبح مسكّرا، وقد تفنّن محبّي هذا المشروب المسكّر في صناعته وخلطه بأنواع كثيرة من العقاقيرو المنبّهات حتّى يضمن النشوة القصوى لشاربيه و تعتبر هذه الظاهرة من الاسباب الرئيسية لانتشار قتل النخيل في الواحات. واصبحت بعض الواحات حانة كبيرة لطالبي النشوة و الليلي الملاح.
وفي السابق، كان الفلّاحون الذين يكنون احتراما كبيرا لشجرة النخل يقتلون فقط ما هرم منها و لم يعد قادرا على انتاج التمر و و في اغلب الاحين تكون نخلة واحدة. اما في ايامنا هذه فاصبح قتل النخل مهنة تدرّ على اصحابها المال الوفير و نسمع الان عن وجود مقاولات بعمّالها و مختصّيها لإنتاج اللّاقمي الحلو والمسكّر.
ان واحاتنا الجميلة بالجنوب التونسي التي تؤدي وظائف اقتصادية و اجتماعية و بيئية تتعرّض الى تهديدات و تحديات كبيرة اهمها البناء الفوضوي و الذي سأتعرّض اليه في تدوينة لاحقة وقتل النخيل لاستخراج اللاقمي.،و هذه التحديات قاتلة لهذه المنظومة البيئية الهشة و جريمة في حقها باعتبارها تراثا وطنيا و عالميا رفيعا.
ان اجدادنا قد زرعوا هذه الواحات و حافظوا عليها للآلاف السنين و تركوها لنا جنات غناء امانة في اعناقنا، لكن للأسف نساهم اليوم في اندثارها بلامبالاة كبيرة و سوف نفيق في يوم من الايام على جنوبنا بدون واحات، تلتهمه رمال التصحّر بعد الابادة المتعمّدة لأشجار النخيل الباسقة من قبل البعض منا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire